رولا خلف تكتب :الإرهابيون يفضلون استخدام « تلغرام »
اكتشفت تطبيق تلغرام في رحلتي الأخيرة الى السعودية، حيث قال لي نشطاء انهم تحولوا الى استخدام موقع الرسائل تلغرام بعد أن كانوا يستخدمون تويتر وواتساب، وكلاهما حظيا بشعبية كبيرة لسنوات.
عندما حملت موقع تلغرام للرسائل على هاتفي، صادفت العديد من الاتصالات الايرانية. وبعث لي أحدهم بالرسالة التالية: «هل تعلمين أن أكثر من 23 مليون ايراني يستخدمون تطبيق تلغرام؟» فيما قال آخر بحماس « تلغرام لديه أفضل الملصقات».
أعتقد أنه أمر جيد أن يجد السعوديون والايرانيون ملاذا جديدا للتعبير عن أنفسهم. وأمر جيد آخر ايضا أن البلدان المنقسمة بحدة سياسيا تتوحد في عادات وسائل التواصل الاجتماعي.
بعد أسبوعين، أخذت فوائد تطبيق تلغرام ومقره برلين جانبا مظلما: في أعقاب هجمات باريس، تبين أن خدمة الرسائل تلغرام كانت الخدمة المفضلة لدى جهادي «داعش» أيضا، في أواخر سبتمبر تحول تنظيم «داعش» الى استخدام خدمة تلغرام، بعد كان تطبيق التراسل أعلن لتوه عن «قنوات» للخدمة، وصفت بأنها أكثر أمانا من تويتر أو فيسبوك.
وتكاثرت قنوات «داعش» منذ ذلك الحين. وعرضت احدى القنوات ويطلق عليها اسم «ناشر» بثماني لغات، من بينها العربية والفرنسية والألمانية والتركية.
بالنسبة «لداعش»، الذي يعتبر الوصول الى الجمهور أولوية له، تمثلت الجاذبية الأساسية في تطبيق تلغرام في بساطته، وليس أمنه فقط. وكما تقول ريتا كاتز، مديرة «سايت انتيلجنس غروب» الذي يتابع ويرصد المواقع الجهادية «داعش على استعداد لاستخدام أي منصة لنشر المعلومات. لقد انطلق تطبيق تلغرام بسرعة كبيرة لأنه سهل الاستعمال ولا يأخذ وقتا يذكر لاطلاق الرسائل»، مضيفة أنه «يمكن المستخدمين، من ارفاق أي نوع أو حجم للملفات بسرعة، ويحل مشكلة الحاجة الى روابط خارجية».
تلغرام هو من بنات أفكار بافيل دوروف، الذي غالبا ما يشار اليه على أنه مارك زوكربيرغ روسيا. ويفتخر تطبيق تلغرام، الذي خرج الى النور منذ عامين فقط، بكونه «انه سريع جدا وبسيط وحر» اضافة الى أنه مشفر بشكل كبير. ويقدم أحاديث سرية خاصة تستخدم تشفير بين طرفي المحادثة، ولا يترك أي أثر في الخدمة، ويتسم بميزة التدمير الذاتي أيضا.
خدمة تلغرام واثقة جدا من أمنها وتدير منافسة تعد بجائزة قيمتها 300 ألف دولار لأي شخص يستطيع أن يثبت أن الرسائل يمكن فك شفرتها.
بدأ دوروف، الذي يري في ادوارد سنودن بطلا شخصيا له، تلغرام بعد أن رفض اغلاق صفحات المعارضة الروسية خلال احتجاجات مناهضة للحكومة، مما أدى الى وقوع خلاف بينه وبين الكرملين. فاضطر الى بيع حصته في فكونتاكتي، وهو موقع تواصل اجتماعي كان قد أسسه، ثم غادر روسيا. وكان دوروف صرح لصحيفة فايننشال تايمز في يوليو قائلا «حقنا في التواصل الخاص والخصوصية هو أكثر أهمية من التهديدات الهامشية التى يريد بعض السياسيين أن نخاف منها».
احصائيا، على حد زعمه، فان احتمال الانزلاق على أرضية مبللة في الحمام والموت أعلى ألف مرة من الهلاك نتيجة الارهاب.
جاذبية تلغرام عند الجماهير بمختلف مشاربهم توضح المعضلة التي نواجهها، وهي كيفية حماية حرية التعبير عندما تتم اساءة استخدام نفس الأدوات التي توفر هذه الحرية من قبل الجماعات الارهابية.
ورغم عدم وجود دليل على أن تلغرام استخدم لتنسيق هجمات باريس، ومن غ
ير المرجح أن يثق كبار قادة «داعش» في وسائل التواصل الاجتماعي للتخطيط لمؤامراتهم القاتلة، فان الاستخدام المتزايد للمنصات المشفرة من قبل الجماعات الارهابية يثير قلق مسؤولي الاستخبارات وتطبيق القانون. ومن المرجح أن يزداد الجدل حول التشفير حدة بعد مذبحة باريس.
الناس الذين يتابعون ما ينشره تنظيم «داعش» على وسائل التواصل الاجتماعي يجادلون بأن بعض مخاطر اساءة الاستخدام يمكن تخفيفها من خلال ادارة عمليات أوثق للضبط والمراقبة. ويشيرون الى أنه كان من السهل التعرف الى قنوات «داعش»، وكان يمكن اعتراضها وحجبها من قبل تلغرام.
وعملت كاتز على متابعة العشرات من قنوات الجماعات الجهادية على مدى الشهرين الماضيين، ولم يتخذ تلغرام أي اجراء الا في أعقاب هجمات باريس عندما منع 78 قناة لجماعة «داعش» وغيرها من الجماعات الجهادية.
مع ذلك، لاحظت كاتز أن القنوات ذات الصلة «بداعش» عادت الى الظهور مجددا على الخدمة. حيث ظهرت بالفعل قنوات بديلة ذات صلة «بداعش» على خدمة تلغرام. ومما لا شك فيه أن آلة الدعاية لـ «داعش» تجوب بنشاط بحثا عن وسيلة التواصل الاجتماعي المقبلة لبث سمومها.